كتابة: محمد فؤاد، رئيس مستشارين
ربال فتال ، مستشار أول

في إطار جهودها المستمرة في استكمال نهضتها التشريعية للنظام الضريبي ومكافحة جرائم التهرّب الضريبي، أصدرت دولة قطر القانون رقم 11 لسنة 2022 (“القانون المُعدِل“) بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 24 لسنة 2018 (“قانون الضريبة على الدخل“)، وتم نشر القانون المعدل بالعدد الثاني للجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 2 فبراير 2023. سنستعرض في هذا المقال أبرز التعديلات التي طرأت على قانون الضريبة على الدخل بموجب القانون المُعدِل.

تعديل نطاق تطبيق قانون الضريبة على الدخل
بموجب التعديل التشريعي لقانون الضريبة على الدخل تم إخضاع الجمعيات والمؤسسات الخاصة والجمعيات والمؤسسات الخاصة الخيرية والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام لأحكام قانون الضريبة على الدخل وبالتالي فإن هذه الكيانات أصبحت خاضعة لأحكام قانون الضريبة على الدخل وملزمة بالامتثال لها.

وتم كذلك استثناء الأرباح الرأسمالية الناتجة عن بيع تركة أو حصة فيها أو أي حق اشتملت عليه من الخضوع لأحكام قانون الضريبة على الدخل مما يعني بأن المشرّع ارتأى عدم كفاية استثناء الدخل الإجمالي من التركات والمواريث من الخضوع لأحكام قانون الضريبة على الدخل كما كان الحال قبل التعديلات الأخيرة، فوسع الاستثناء ليضم كذلك الأرباح الرأسمالية الناتجة عن بيع التركة أو أي حصة فيها بالإضافة الى جميع الحقوق المشمولة بالتركة أو الميراث.

وكذلك وسع المشرع من نطاق تطبيق قانون الضريبة على الدخل بتعديل التعريفات الواردة بالمادة الأولى من القانون، حيث أورد تعريفات جديدة لمصطلحات مستحدثة في القانون. فقد تم إضافة تعاريف لمصطلحات ‘الشخص' و'الكيان' و'منظمة غير ربحية' و'المشروع' و'المشروع القطري' و'المشروع الأجنبي' و'الأعمال'. وقد وسعت التعاريف المضافة من نطاق تطبيق القانون. فعلى سبيل المثال، فإن تعريف الكيان أشتمل على كل شخص معنوي أو ترتيب قانوني يعد حسابات مالية منفصلة. وكذلك تعريف المشروع القطري يشمل القيام بأي أعمال تحقق دخلاً أو ربحاً طالما أن مديره مقيم في الدولة، فلم يشترط التعريف أن يكون المشروع ذاته مقام في دولة قطر.

ونجد أيضاَ أنه قد تم وضع معايير لاعتبار أي منظمة منظمة غير ربحية وتلك المعايير المستحدثة تتفق مع المعايير الدولية لاعتبار المنظمة منظمة غير هادفة للربح. وعليه، يتعين على المنظمة التي ترغب في التمتع بالإعفاء إثبات تحقق كافة الشروط الواردة بالتعريف لاعتبارها منظمة غير هادفة للربح.

فرض الضريبة على الدخول المتحققة في خارج قطر
كما تبنى المشرع القطري مبدأ قصر الضريبة على الأرباح الناتجة عن المصادر القائمة بدولة قطر، ولكن التعديل الضريبي التشريعي أورد استثناءات على تلك القاعدة فقد أخضع الأرباح الناتجة عن التصرف في ممتلكات أي مشروع قطري في الخارج للضريبة. ويشمل الدخل الخاضع للضريبة الدخل المتأتي من الخارج من الخدمات التالية:
– توفير حقوق توزيع منتجات أو خدمات.
– المدفوعات مقابل توفير خدمات التسويق والمشتريات والوساطة المالية والوكالة وخدمات الوساطة الأخرى.
– الرسوم المدفوعة للحصول على ضمانات أو دعم مالي مماثل.
– تقديم خدمات الاتصالات وخدمات البث.

وأخضع المشرع كذلك بعض الدخول المتحققة خارج دولة قطر للضريبة في حال تحقق اشتراطات معينة ومن ذلك إخضاع دخل المشروع القطري من العقارات الموجودة في الخارج والدخل الناتج عن الاستخدام المباشر للممتلكات غير المنقولة أو تأجيرها او استخدامها بأي شكل آخر، وذلك مع مراعاة ما يلي:
١- ألا يزاول المشروع القطري، المنتفع بالدخل من الممتلكات غير المنقولة، أعمالاً في دولة أجنبية يوجد فيها العقار المنتج لذلك الدخل، من خلال منشأة دائمة موجودة فيها.
٢- ألا ترتبط الممتلكات غير المنقولة التي يُدفع عنها الدخل فعلياً بهذه المنشأة الدائمة.

وكذلك تم إخضاع الفوائد والإتاوات التي تنشأ في الخارج، وكذلك الأرباح الموزعة التي تدفعها شركة أجنبية مقيمة في الخارج إلى مشروع قطري، للضريبة، وذلك مع مراعاة ما يلي:
١- ألا يزاول المشروع القطري المنتفع بالأرباح الموزعة أو الفوائد أو الإتاوات أعمالاً في دولة أجنبية تكون الشركة التي تدفع الأرباح الموزعة مقيمة فيها أو تكون الفوائد أو الإتاوات قد نشأت فيها، من خلال منشأة دائمة توجد فيها.
٢- ألا تكون الأسهم أو الحصص أو الحقوق الأخرى التي دفعت عنها الأرباح الموزعة، أو المطالبة بالديون التي دفعت عنها الفائدة، أو الحقوق أو الممتلكات التي دفعت عنها الإتاوات، مرتبطة فعلياً بهذه المنشأة الدائمة.

وتم إخضاع كذلك رسوم الخدمات الفنية التي تنشأ في الخارج وتدفع إلى مشروع قطري للضريبة مع مراعاة ما يلي:
١- ألا يزاول المشروع القطري المنتفع من رسوم الخدمات الفنية أعمالاً في الدولة الأجنبية التي تنشأ فيها رسوم الخدمات الفنية من خلال منشأة دائمة توجد في تلك الدولة الأجنبية.
۲. ألا ترتبط رسوم الخدمات الفنية فعلياً بتلك المنشأة الدائمة.

الإعفاءات الضريبية
وسع المشرع من نطاق الإعفاءات الضريبة الواردة بالمادة الرابعة حيث تم إعفاء دخول الجمعيات والمؤسسات الخاصة والجمعيات والمؤسسات الخاصة الخيرية والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام من الخضوع للضريبة.
وتم إعفاء كذلك الأرباح الرأسمالية التي يحققها مشروع قطري من التصرف فيما يلي:
– الممتلكات غير منقولة الموجودة خارج الدولة.
– الممتلكات المنقولة التي تشكل جزءاً من ممتلكات منشأة دائمة يملكها المشروع القطري في الخارج، بما في ذلك الأرباح الرأسمالية المتأتية من نقل ملكية تلك المنشأة الدائمة، بمفردها أو مع كامل المشروع.
– أسهم أو حصص أو حقوق أخرى أجنبية.


وتم إعفاء أتعاب أعضاء مجلس الإدارة والمدفوعات المماثلة الأخرى التي يحصل عليها مشروع قطري بصفته عضواً في مجلس إدارة شركة مقيمة في الخارج من الضريبة.
واستحدث التعديل التشريعي نصاً يقضي بأنه إذا زاول مشروع قطري أعمالاً في دولة أجنبية من خلال منشأة دائمة موجودة فيها، فلا تخضع الأرباح التي تعود إلى المنشأة الدائمة للضريبة، بشرط أن تخضع للضريبة في تلك الدولة الأجنبية. ويأتي هذا الحكم تطبيقاً لمبدأ عدم الازدواج الضريبي. ويشترط لتطبيق هذا الحكم أن تكون الضريبة في الدولة الأجنبية قد تم دفعها فعلياً من المشروع القطري.

وتم كذلك استحداث حكم جديد يقضي بأنه إذا قام المكلف بدفع ضريبة أجنبية على دخل خاضع للضريبة في الدولة، فيجوز أن يطلب خصم تلك الضريبة الأجنبية في حدود مبلغ الضريبة المستحقة في الدولة، مع مراعاة ما يلي:
1- أن تكون الضريبة الأجنبية ضريبة على الدخل فرضتها دولة أجنبية أو إحدى تقسيماتها السياسية أو سلطاتها المحلية.
2- أن تكون الضريبة الأجنبية ضريبة مدفوعة فعلياً.
3- أن تخفض الضريبة الأجنبية لأي مبالغ استردها المكلف من الدولة الأجنبية.
ولا تجوز المطالبة بخصم الضريبة الأجنبية على دخل معفى من الضريبة في الدولة.

الالتزامات الضريبية
جاء التعديل التشريعي بإضافة التزامات ضريبية جديدة على المقيمين بإلزام كل مقيم بأن يقدم للهيئة، بناءً على طلبها، كشفاً مفصلاً في أصوله المالية بالخارج أو الحقوق التي لديه في أصول مالية أجنبية، إذا اشتبه فيه، أثناء الفحص الضريبي، بارتكاب أو بالاشتراك في ارتكاب الأفعال المنصوص عليها بالمادة (26) من القانون. وتشمل الأصول المالية الأجنبية الأصول التالية:
1. الحسابات المالية المحتفظ بها لدى مؤسسة مالية أجنبية.
2. الأسهم والحصص في الشركات وصناديق الاستئمان الأجنبية.
3. الأوراق المالية الحكومية والسندات وسندات الدين الأجنبية وأي شكل آخر من أشكال المديونية.
4. العقارات أو الحقوق العقارية.

وعلى الشخص المطالب بتقديم الكشف المشار إليه، الإبلاغ عن أصوله المالية الأجنبية أو الحقوق التي لديه في أصول مالية أجنبية حتى لو لم يؤثر أي من تلك الأصول أو تلك الحقوق على الالتزام الضريبي لذلك الشخص عن السنة المالية المبلغ عنها.
وشدد المشرع بموجب التعديل التشريعي على الالتزام بالحفاظ على سرية المعلومات التي تحصل عليها الهيئة لأغراض ضريبية بمقتضى اتفاقيات دولية وعدم جواز الكشف عنها إلا للأشخاص أو السلطات، بما في ذلك المحاكم، والهيئات الإدارية المختصة بربط أو تحصيل الضرائب، أو بإنفاذ القانون أو بالملاحقة القضائية المتعلقة بها، أو بالبت في الطعون المتعلقة بها، أو بالإشراف على تلك الاختصاصات. ولا يجوز لهؤلاء الأشخاص أو السلطات استعمال تلك المعلومات إلا في الأغراض المشار إليها، ويجوز لهم الكشف أو الإفصاح عن هذه المعلومات في الإجراءات العلنية لدى المحاكم أو في الأحكام القضائية، كما يجوز استعمال المعلومات التي تحصل عليها دولة متعاقدة لأغراض أخرى، إذا كانت قوانين كلتا الدولتين تجيز استعمالها لمثل هذه الأغراض الأخرى، وتسمح السلطة المختصة بالدولة المزودة بالمعلومات بمثل هذا الاستعمال.

كذلك، أصبح الكيان الذي يستوفي المعايير التي تحددها اللائحة، ملزماً بأن يقدم للهيئة تقريراً عن المؤشرات الدنيا للأنشطة الجوهرية الخاصة به، وفقاً للطريقة وفي الأجل الذي يصدر بتحديدهما قرار من وزير المالية. ويُعتبر الكيان، فيما يتعلق بأي سنة مالية مبلغ عنها، أنه لا يمارس نشاطاً جوهرياً في الدولة، في الحالات التالية:
1- إذا لم يقدم التقرير المنصوص عليه بالفقرة الأولى المادة المعنية.
2- إذا لم يستوف أحد المؤشرات الدنيا للنشاط الجوهري، التي تحددها اللائحة.
3- إذا لم يقدم للهيئة بناءً على طلبها، أدلة مستندية عن تلك المؤشرات.
ويجوز للهيئة، إذا لم يكن للكيان المؤشرات الدنيا للنشاط الجوهري، أن ترفض تسليم شهادة إقامة ضريبية له.

وفي هذا الإطار تم منح الهيئة العامة للضرائب الحق في أن تحصل على المعلومات والوثائق بغرض إجراء الفحص الضريبي، أو بغرض تبادلها مع السلطات المختصة الأجنبية، وفقاً للاتفاقيات المتعلقة بالمساعدة الإدارية وتبادل المعلومات لأغراض ضريبية من أي شخص أو جهة تكون تلك المعلومات والوثائق بحوزته أو تحت سيطرته. ولا يُشترط في الحصول على المعلومات المطلوب تبادلها مع السلطات المختصة الأجنبية، أن تكون الهيئة بحاجة إليها لأغراضها الضريبية، أو أن تجري الهيئة فحصاً على دافع الضرائب الذي تكون تلك المعلومات بحوزته أو تحت سيطرته، أو الذي يكون معنياً بتلك المعلومات، أو أن تكون الأفعال المطلوب الحصول على معلومات عنها مجرمة في الدولة.

كما يحق للهيئة أن تحصل على المعلومات من أي شخص في الدولة تكون تلك المعلومات بحوزته أو تحت سيطرته، بصرف النظر عن أي التزام قانوني يقع على ذلك الشخص بالحفاظ على سرية المعلومات. وتكون المعلومات تحت سيطرة شخص ما إذا كان له الحق القانوني أو السلطة أو القدرة على الحصول على المعلومات أو المستندات التي بحوزة شخص آخر.

وقد تم استحداث مادة جديدة في القانون تُلزم الشركات والكيانات الأخرى التي يقع مقرها الرئيسي أو مكان إدارتها الفعلي في الدولة، أن تتيح للهيئة، إذا طلبت منها ذلك، المعلومات التي تحدد المالكين القانونيين لها والمالكين المنتفعين بها، بما في ذلك المعلومات عن الأشخاص الذين يتصرف المالكون القانونيون بالنيابة عنهم كمفوضين، أو بموجب أي ترتيب مماثل، والمعلومات عن الأشخاص الموجودين في سلسلة من الكيانات الوسيطة بين الشركة أو الكيان الآخر المعني والمالك المنتفع بها.

ويجب على الشراكات التي أنشئت وفقاً لقوانين الدولة أو التي تمارس نشاطها في الدولة أن تتيح للهيئة، إذا طلبت منها ذلك، المعلومات التي تحدد الشركاء فيها والمالكين المنتفعين بها، ويجب على الصناديق الاستئمانية التي أنشئت وفقاً للقوانين القطرية أو التي تدار في قطر أو التي يكون الأمين أو الوكيل فيها مقيماً في قطر أن تتيح للهيئة، إذا طلبت منها ذلك، معلومات عن هوية المالكين المنتفعين بها، بما في ذلك المانح أو المؤسس، والأمين أو الوكيل، والحامي أو الضامن، بحسب الأحوال، وجميع المستفيدين أو فئات المستفيدين، وأي شخص طبيعي آخر يمارس، في نهاية المطاف، سيطرة فعلية على الصندوق الاستئماني.

ويجب على المنظمات غير الربحية المنشأة وفقاً لقوانين الدولة، أن تتيح للهيئة المعلومات التي تحدد المؤسسين وأعضاء مجلس المؤسسة والمستفيدين الموجودين، وأي مالكين منتفعين منها أو الأشخاص الذين لديهم سلطة تمثيلها. كما يجب أن تكون المعلومات التي تتيحها الكيانات والترتيبات القانونية عن هوية المالكين القانونيين لها والمالكين المنتفعين منها كافية ودقيقة ومحدثة.

الجزاءات المالية
تم فرض جزاءً مالياً مقداره (۱٥%) خمسة عشرة بالمائة من الدخل الصافي على المشاريع التي لا تراعي متطلبات الوجود المادي والنشاط الجوهري المنصوص عليها في القانون أو اللائحة.
كما قضت التعديلات التشريعية بأنه إذا:
– شارك مشروع قطري بشكل مباشر أو غير مباشر في إدارة مشروع أجنبي أو في السيطرة عليه أو في رأس ماله، أو
– شارك مشروع أجنبي بشكل مباشر أو غير مباشر في إدارة مشروع قطري أو في السيطرة عليه أو في رأس ماله، أو
– شارك الأشخاص أنفسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في إدارة مشروع قطري ومشروع أجنبي أو في السيطرة عليهما أو في رأس مالهما،

ووضعت أو فرضت في أي من الحالات المذكورة شروط بين المشروعين في علاقاتهما التجارية أو المالية تختلف عن تلك التي قد توضع بين مشروعين مستقلين، جاز إدراج أي أرباح كان من الممكن أن تترتب لأي من المشروعين، لو لم تطبق تلك الشروط، ضمن أرباح المشروع القطري، وإخضاعها للضريبة وفقاً لذلك. ولا يحق للكيان الحصول على أي إعفاء أو ميزة ضريبية، إلا إذا كان المكان الفعلي لإدارته في قطر.

في النهاية نجد أن التعديلات التي طرأت على قانون الضريبة على الدخل تهدف بالأساس إلى زيادة الإيرادات الضريبية سواء بتوسيع الخضوع الضريبي أو بالحد من التهرب الضريبي. فقد تم استحداث أحكام تخص المشروع القطري والمشروع الأجنبي وتحديد المعايير التي يجب أخذها بعين الاعتبار بالنسبة للضريبة المتوجبة على كل منهما.

وفي سبيل تحقيق تلك الغايات المرجوة من التعديلات، فقد منح المشرع الهيئة العامة للضرائب صلاحيات واسعة فأصبح للهيئة سلطة الطلب والحصول على جميع المعلومات والوثائق التي قد تطلبها من المقيمين أو الشركات أو الكيانات الأخرى، على سبيل المثال لا الحصر، الصناديق الاستئمانية سواءً بغرض إجراء الفحص الضريبي، أو بغرض تبادلها مع السلطات المختصة الأجنبية.

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.